منتدى كنوز الحاسبات العراقية من الطارمية بادارة أحمد محمود
اخي الكريم يمكنك التسجيل والمساهمة بالمنتدى ونشر مواضيعكم على هذا المنتدى
منتدى كنوز الحاسبات العراقية من الطارمية بادارة أحمد محمود
اخي الكريم يمكنك التسجيل والمساهمة بالمنتدى ونشر مواضيعكم على هذا المنتدى
منتدى كنوز الحاسبات العراقية من الطارمية بادارة أحمد محمود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
اهلا وسهلا بزوار هذا المنتدى --- تحية خاصة الى طلاب الجامعة العراقية قسم الحاسبات في الطارمية تحية خاصة ----- يمكنكم التمتع بالميزات التي يمنحها لكم هذا المنتدى من خلال التسجيل في عضوية ____


 

 دراسة إمكانية القيام بعمل فني تشكيلي يجسد صراع الانسان القديم مع الطبيعة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
كنز الحاسبات
Admin
Admin
كنز الحاسبات


عدد المساهمات : 139
نقاط : 15570
تاريخ التسجيل : 28/05/2010
العمر : 31
الموقع : https://a-m-h-a.yoo7.com

دراسة إمكانية القيام بعمل فني تشكيلي يجسد  صراع الانسان القديم مع الطبيعة Empty
مُساهمةموضوع: دراسة إمكانية القيام بعمل فني تشكيلي يجسد صراع الانسان القديم مع الطبيعة   دراسة إمكانية القيام بعمل فني تشكيلي يجسد  صراع الانسان القديم مع الطبيعة Emptyالسبت أبريل 24, 2021 4:05 am

دراسة إمكانية القيام بعمل فني تشكيلي يجسد 
صراع الانسان القديم مع الطبيعة
بحث مقدم من قبل
محمود حسين عبد الرحمن حسين
مدرس مساعد / مركز بحوث  ومتحف التاريخ الطبيعي/ جامعة بغداد
 
 
 
1428هــ                           بغداد                       2008م                 
 
  الملخص
        للفنون التشكيلية من رسم ونحت أدوار مهمة في حياة الانسان منذ العصور القديمة والى اليوم، وهي بلا مراء  جزء من ثقافته وممارساته اليومية. وتشكل عناصر اتصال مهمة كما انها جزء من البيئة التي يعيش فيها الإنسان وهي نشاط فكري والفكرة منه جوهر العمل الفني ويمكن تحقيقها عن طريق ذاتي مباشرة كما يفعل الفنانون وبحكم ما تراكم في أذهانهم من معلومات عملية على مر الزمن يستطيعون أن يوصلوا افكارهم إلى الآخرين بأي أسلوب يجدوه مناسب في تلك اللحظة أو أي فترة زمنية وحسب الظروف والإمكانات والحاجات والاحتياجات ألكائنة وتكون لديهم القدرات في تفجير الطاقات الكامنة لتحقيق رسالاتهم .ومنها ما يتعلق ببعض من أوجه حياة الانسان القديم ومما كان يعانه من قسوة البيئة والمحيط الذي يأويه بصراعات مريرة فتارة يكون مع الحيوان وتارة مع الطبيعة وأخرى مع أخيه الانسان، ظهر في هذه الدراسة بامكانية تجسيد تلك الاوجه من حياة الانسان القديم من خلال الدور الريادي للفنون التشكيلية المتمثلة بفرعين من فروعها( الرسم والنحت) على وجه الخصوص.

 
مقدمة
 
   تُعَدُ الفنون التشكيلية انعكاساً طبيعياً لحياة الشعوب وأحساسيسها وهي بلا أدنى شك مظهر من مظاهرها الحياتية الشعورية والنفسية ( السايكولوجية). وهي بذلك نتاج مما يلوج في الاذهان بدقة ومعبر عنه بصور جميلة، أي انها اللغة المقروءة والعامل الخطابي بين البشر عامة وفي أي مكان وزمان. فلا تحتاج إلى الإسهاب في الشرح أو التفسير بل هي مرآة صادقة تتجلى فيها نهضة الشعوب والامم وسجلات خالدة تُفسر عن رقي وانجازات تلك الشعوب ومكتبات صورية تدعم الباحثين في شتى المجالات وتترك لهم التفاسير والتاويلات المتباينة مما يدعم مشاريعهم البحثية في ميادين العلوم عامتها. فالفنون التشكيلية صور ناطقة تعبر عن حياة الانسان منذ القديم والى اليوم وتساهم في تكريس ونشر القيم الجمالية والتذوق الانساني المستمد من الحقائق التي أكدتها الدراسات الحديثة في الفنون بأن بني البشر كلهم لديهم استعدادات فطرية لممارسة الفنون.
ما انفكت الفنون التشكيلية تشغل مكاناً مرموقاً ودوراً بارزاً في الإسهامات العديدة لدى الباحثين في شتى الميادين، وهذه الدراسة بلا مراء تُعَدُ واحدة مهمة من تلك الميادين إذ تتسنم الادوار الريادية في حياة الانسان القديم التي وصلت الى الحاضر عن طريق ما تركه ذلك الانسان من فنون تشكيلة كالرسومات التي طرزت جدران الكهوف والصخور والعظام وسطوح الأواني الفخارية المختلفة، وكذلك المنحوتات العديدة ذات السمات الفنية الجميلة التي لا تعبر الا عن محاكاة حقيقية لواقعه وبيئته التي ترعرع ونشأ فيها لكن باساليبه الخاصة وفق ما يستشعر به.
       كان وما زال دور الفنون التشكيلية مهماً للغاية لاسيما عند الباحثين المختصين بنشاطات الانسان القديم وأهم مراحل تطوره وما خلف من مآثر باتت جذوراً ومصادراً اساسية لأغلب الدراسات حيث اتفقت ألآراء وأجمعت الكلمة على إن نشوء الفنون التشكيلية منذ إن ظهر الإنسان على سطح هذه الأرض يكاد أن يكون عمرها  مقرون بعمر الإنسان لان " الفن متلازم مع الإنسان ويتغير بتغير العصور (1) "  فكان يعيش سلسلة من الصراعات المختلفة المفروضة عليه من الخارج كما يبدو،  لذلك تحتم عليه أن يصارع الطبيعة بكل ما فيها من مؤثرات كـ( العواصف والبراكين والفيضانات والحيوانات المفترسة القاتلة )، ومن خلال تطور حياته نشأ صراع  آخر بيد انه مختلفا عن الأول بدون أدنى شك ألا وهو  مع أخيه من بني جنسه بسبب غياب الانسجام والتوازن والنظام والإجماع في محيطه الاجتماعي المعين. كما  انه  يحدث أيضا نتيجة لوجود حالات من عدم الرضا حول الموارد المادية مثل السلطة والدخل والملكية أو كليهما معا. من هنا يتجسد للباحث فرضيات عدة لمشكلة البحث هذا إذ تمكن من صياغتها وبلورتها بشكل أسئلة وكما يلي:
                                        
1.     من هو الانسان القديم ؟
2.    ما علاقته بيئته ؟
3.    ما هي البيئة
4.    ما هو مفهوم الفنون التشكيلية ؟
5.    ما هي أهم فروعها ؟
6.    ماذا تتناول ؟
7.    كيفية تجسيد بعض من أوجه حياته عن طريق الفنون التشكيلية ؟
       
       يُعرف الصراع في اللغة: صرعه صرعاً، أي: طرحه بالأرض. والصِّراع: معالجتهما أيّهما يصرع صاحبه. ورجل صِرّيع، أي: تلك صنعته الّتي يعرف بها. وصرّاع شديد الصّرع وإن لم يكن معروفاً. وصَروع للأقران: أي: كثير الصّرع لهم. والصّراعة مصدر الاصطراع بين القوم، وأصَّرَعة: القوم يصرعون من صارعوا. والصُّرَعَةُ: القوم يصرعون من صارعوا. (13) ألا ترى أنه ذكر قيامها، فهو جمع. وما ينبغي أن يكون المصَارعُ أن يكون جمعاً ولكنه مضطرّ إلى ذلك. وفي الاصطلاح: الصراع في الاصل نزاع بين شخصين يحاول كل منهما ان يتغلب على الآخر بقوته المادية، كالصراع بين الابطال الرياضيين، أو الصراع بين الدول في الحرب. ويطلق الصراع مجازاً على النزاع بينقوتين معنويتين، تحاول كل منهما ان تحل محل الاخرى، كالصراع بين رغبتين، او نزعتين، او مبدأين، أو وسيلتين، أو هدفين، أو الصراع بين القوانين،   وفي علم النفس ، حالة نفسية تنشأ عن تصادم النزعات والرغبات المتضادة ، في  نفس المرء ، وقد تنشأ عن الحيلولة بين رغبة مكبوتة  وبين التعبير عن ذاتها شعوريا(14). أما إجرائياً: نتيجة حتمية للاختلاف الحاصل بين الأفكار أو على الموارد أو حب التسلط ،أو فقدان الشيء عند الآخرين ووجوده عند البعض ألآخر مما يولد الغيرة والحسد لينتهي بعد ذلك بهذا ألأمر.
        تضمنت هذه الدراسة على مقدمة وفيها  التعريف بأهمية البحث والحاجة أليه ثم على أهداف البحث وحدودهِ وتحديد أهم المصطلحات التي وردت في عنوان هذهِ الدراسة . ثم تضمنت على أربع مباحث: تطرق المبحث الأول على مفهوم الفنون التشكيلية والمبحث الثاني على مفهوم البيئة الطبيعية وعلاقتها بالانسان والمبحث الثالث  صراع الانسان مع أخيه الانسان.  وتنتهي هذه الدراسة بالخاتمة التي تضمنت أهم النتائج التي تمخضت عنها  والاستنتاجات  ومن ثم أهم المصادر والمراجع التي وردت فيها.
 
                                      المبحث ألأول
الانسان(15) القديم  وصراعه المستميت مع الطبيعة ومع اخيه الانسان
      اهتم العلماء المختصين بــــــــ(الأنثروبولوجيا(16)،  اذ حاول هذا العلم أن يكشف ويصنف النواحي الجسمية التي تميز بها الإنسان عن بقية المخلوقات التي عاصرته ومنها التي انقرضت، وحدد الصفات التي تميز الأجناس البشرية وكيفية تفاعل تلك الأجناس مع البيئة ليستخلص التباين بين مختلف الحضارات فهو علم يتعدى نطاق الوصف الاحيائي ( البايولوجي ) والحضاري والاجتماعي ليصل الى محاولته تحديد القوانين والأنساق التي تتحكم في بلورة وتكوين المجتمعات والحضارات الانسانية ونموها. ويرى المختصون بــ( الأنثروبولوجيا ) بان الإنسان شكل في تفاعله مع البيئة والآخرين تراثاً حضارياً يشمل كل الجوانب المادية والفكرية والروحية والقيم الاجتماعية التي تحدد نظرة الإنسان إلى نفسه وإلى العالم الخارجي لذا يعد مفهوم الحضارة من أهم المفاهيم في نطاق ( الأنثروبولوجيا ) بشكل عام(17).
     استطاع المختصون بــ( الأنثروبولوجيا ) ان يتوصلوا إلى انجازات الإنسان القديم الحضارية في اكتشاف طرق ايجاد النار وصناعة بعض الأدوات التي تساعده في الصيد والدفاع عن نفسه عند الضرورة، كذلك صناعة بعض تقنيات إنتاج الطعام المتنوعة ومنذ عهد الاستكشافات الكبرى بالقرن الخامس عشر
تراكمت كميات من المعلومات ( الأنثروبولوجية )التي جمعها الرحالة عن شعوب البلدان والاقاليم التي جابوها بعصور وأزمان خلت، واستدلوا عن مصادر تلك المعلومات من خلال التحليلات الصورية وما تناقلته الأفكار والألسن من قصص وحكايات وأساطير
(18).

        وتم الاستدلال عن استطاعة الإنسان القديم أن يطوع لرغباته وحاجاته البيئة الطبيعية فغيرها وطورها وجعلها اكثر ملائمة لمعيشته فتحقق له الارتقاء لان عملية الصراع مع البيئة اوصلته الى الاكتشاف الذي اختزل له الكثير من جهوده البدنية لرفع قيمة جهوده الفكرية وبالاخير قادته الى الاكتشافات الجديدة التي زادت من تحقيق احتياجاته المتنوعة وقللت من متاعبه ووسعت من تفاعلاته مع البيئة نفسها ومع الافراد من بني جنسه البشري على ما يبدو. وتجلت حكمت الله سبحانه وتعالى في خلقه ذلك الانسان وغرس فيه صفات تبدو متضادة ومتناقضة، مثل صفة الحب مع البغض، والخوف مع الرجاء، والاتجاه الى الواقع مع الاتجاه الى الخيال، والسلبية مع الايجابية( وغيرها من الصفات)، وهذه الصفات إذا أعملها الانسان في مجالها الصحيح، فانه لا يحدث بينها أي تضاد أو صراع(19)،  لكن كما بدا ان الانسان فقد الكثير من تلك الصفات ابعدته عن هويته الانسانية فظهر الصراع الإنساني على سطح هذه الأرض، وسبب الشرور ومآلها التي لا تزال عالقة ومطروحة بلا حل يجمع عليه الجميع(20) ، اصبح الصراع ملازما للانسان في أي زمان ومكان فيكاد أن يكون عمره  مقرون بعمر الإنسان حيث كان يعيش سلسلة من الصراعات المختلفة المفروضة عليه من الخارج كما يبدو،  لذلك تحتم عليه أن يصارع الطبيعة بكل ما فيها من مؤثرات كـ(العواصف والبراكين والفيضانات والحيوانات المفترسة القاتلة )، فعندما تغضب البراكين وترتجف الارض وتتصدع ايذانا باخراج غضب البراكين من باطن الارض صعودا الى اعالي الجبال لتحيل خضرة الجبال الحية الى حمرة الحمم الملتهبة المميتة، وفي ذلك تجعل من حياة الانسان مستحيلة فيها لتجبره على الهرب ان استطاع الى ذلك سبيلا تاركا ورائه من لا يقدر على المقاومة والصمود كالاطفال والنساء والشيوخ وكذلك مما دجنه من انيس الحيوان. والامر مثله عند الفيضانات، لكن في مقارعة اشد الحيوانات افتراسا واكبرها حجما واكثرها قساوة يُرى اتحاد الانسان القديم مع اخوته من بني جنسه يكون حميما من اجل القضاء على عدوهم المشترك طمعا في الحصول على المنفعة المشتركة كالغذاء والملبس ودرء الخطر على الاخص الاعم.   ومن خلال تطور حياته نشا صراع  آخر بيد انه مختلفا عن الأول بدون أدنى شك ، ألا وهو مع أخيه من بني جنسه(21)  بسبب غياب الانسجام والتوازن والنظام والإجماع في محيطه الاجتماعي المعين(22) تماما كما حدث في أول صراع بشري حدث على سطح هذه المعمورة ألا وهو الذي ما بين ابنا آدم عليه السلام (قابيل وهابيل)، فقد انتهى بموت هابيل على يدي أخيه، لماذا ؟ لان الله سبحانه وتعالى تقبل قربان هابيل ولم يتقبل من أخيه، الأمر الذي أثار الغيرة والحسد فغاب الانسجام والتوازن والنظام بينهما فكان الصراع الذي انتهى بموت هابيل، كما في قوله تبارك وتعالى: (( فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ )) (23) فطلبه ليقتله، فراغ الغلام( هابيل )، منه في رءوس الجبال. وأتاه يومًا من الأيام وهو يرعى غنمًا له في جبل، وهو نائم، فرفع صخرة فشدَخ بها رأسه، فمات، فتركه بالعَرَاء(24) كما  انه  يحدث أيضا نتيجة لوجود حالات من عدم الرضا حول الموارد المادية مثل السلطة والدخل والملكية أو كليهما معا . أما المحيط الاجتماعي المعني بالصراع فيشمل كل الجماعات سواء أكانت صغيرة كالجماعات البسيطة أم كبيرة كالعشائر والقبائل والعائلات والتجمعات السكنية في المدن وحتى الشعوب والأمم . والفكرة الأساس  تتجلى في القول إن قضية الصراع بين المجموعات البشرية هي في الواقع ظاهرة عضوية في الحياة الإنسانية والعلاقات السائدة بينها(25)
 
المبحث  الثاني
مفهوم البيئة الطبيعية وعلاقتها بالإنسان
         كثرت الآراء وتعددت المفاهيم حول  مدلول البيئة ، حيث ارتبط بنمط العلاقة بينها وبين مستخدميها فيُقال مثلا: البيئة الزراعية، والبيئة الصناعية، والبيئة الصحية، والبيئة الاجتماعية والبيئة الثقافية، والسياسية، أي علاقة  نشاطات بني البشر  المتعلقة بهذه المجالات. اشتق مفهومها من المصطلح العلمي  (Ecology)، ومعناه في اللغة العربية (علم البيئة)،الذي وضعه العالم الألماني أرنست هيجل من دمج كلمتين يونانيتين الأولى: (Oikes )،ومعناها مسكن، أما الثانية فهي ( Logos)، وتعني العلم، ذلك في عام 1866 م ووضع له التعريف الذي يقول: ((هو العلم الذي يدرس علاقة الكائنات الحية بالوسط الذي تعيش فيه، ويهتم هذا العلم بالكائنات الحية وتغذيتها، وطرق معيشتها وتواجدها في مجتمعات أو تجمعات سكنية أو شعوب، كما يتضمن أيضاَ دراسة العوامل غير الحية مثل خصائص المناخ (الحرارة، الرطوبة، الإشعاعات، غازات المياه والهواء) والخصائص الفيزيائية والكيميائية للأرض والماء والهواء)) (26).
     يُفهم من هذا كله بأن مفهوم البيئة يعني: المكونات الطبيعية التي تحويها هذه البيئة، متحدة مع العوامل والظروف التي تعيش فيها الموجودات الأحيائية المختلفة التي استدل عنها بوساطة الجغرافيا المرتبطة بها ارتباطا وثيقاً(27). بيد أن بعض الباحثين قد قسموها إلى قسمين: أولهما (البيئة الطبيعية)، التي تعني كافة المظاهر التي تؤثر في الإنسان من دون أن يتدخل في مفردات وجودها كالأرض اليابسة وما تحويها من تضاريس مختلفة والمياه الواسعة المتمثلة في البحار والمحيطات والأنهار المتنوعة فضلا عن وجود الكائنات الحية الموجودة فيهما والتي تؤثر بصورة مباشرة أو غير مباشرة في حياة هذا الإنسان، أما القسم الثاني منهما( البيئة المشيدة)، وتعني كل النظم الاجتماعية والمؤسسات التي شيدها الإنسان منذ فجر التاريخ والى اليوم الحاضر، من هنا تنطلق هذه الدراسة وبشيء من التفصيل للوقوف على مآثر الإنسان  الذي أثر و تأثر بالبيئة الطبيعية والتي شيدها عبر التأريخ ، فكانت بيئته الفنية إن صح التعبير.  اتخذ الإنسان القديم،  ومنذ  فجر التأريخ،  الكهوف و المغارات مأوى له، وهذه المساكن  كانت قد وهبتها له الطبيعة، فهي، بدون شك، قلاع حصينة ضد عاتيات الدهر الصعبة المتمثلة في الهوام المفترسة وتقلبات المناخ المتعددة على دوام الأيام والأعوام. فكان يمارس مهنة صيد الحيوانات المختلفة لسد رمقه، فطرز بذلك أجمل اللوحات الفنية التي باتت بلا شك مصادر أساسيّة للفنون التشكيلية عامة وفرع الرسم خاصة(28)((حيث عكس الإنسان ما يراه في نفسه على العالم، فحول  ظواهر العالم الطبيعية كصورة محورة متطاولة لحياة الإنسان الانفعالية)) (29).
       استطاع الإنسان، وبنعمة من خالقه سبحانه وتعالى، أن يستفيد من مكونات الطبيعة المختلفة، فقطع الأشجار والصخور ووظفها في إنشاء الأبنية المتنوعة من المعابد والقلاع الحربية والقصور، فكانت، ومازالت بلا مراء، أوابد تأريخية عبر العصور(30). فعلاقة هذا الانسان ببيئة علاقة وطيدة وأساس بقاءه  على وجه الأرض(31).
المبحث الثالث
مفهوم الفنون التشكيلية
      تُعَدُ الفنون التشكيلية(32) واحدة من أنواع الفنون(33) وفق الدراسات الإنسانية بجوانبها الفلسفية والنظرية والتطبيقية المختلفة، ومن أبرز فروعها الرسم والنحت والفخار أو الخزف، ونظراً لخصوصية البحث حول الفنون التشكيلية  سيتناول  الباحث في حديثه عن هذه الفنون بصفتها اللولب(34) الرئيس في هذه الدراسة إذ تعتمد على الرسالة البصرية في أدواتها وتقنياتها ووسائطها المختلفة ، فهي بدون أدنى شك أحدى ضروب المعرفة الإنسانية المحسوسة، ذات الصور المتعدد. فهي العلم الذي يتضمن الاكتشاف، والتعبير، والتأليف للأحداث، والتوثيق، وحفظ التاريخ البشري، وأنظمة الحياة السائدة في فترة زمانية ومكانية واصطلاحية، وتأريخية محددة. وهي فعل اجتماعي يتحدى به الفنان واقعه، ويحفزه للتعبير عن المشاعر والأفكار الصادقة، والحقيقية لاسيما التي تتضمن تحديات ثقافية ومعاني لتصورات وتخيلات من مضامين الحياة الاجتماعية مكانًا وزمانًا لفنانين يملكون الموهبة والبراعة والذوق في تقديم هذه المفاهيم(35).
     تتناول الفنون التشكيلية الواقع وإعادة صياغته بصور أخرى جديدة  يقوم بها الفنان منتجاً روائع تحمل صفة الابداع، بمعنى انه ينتج العمل التشكيلي، ويقوم بدور المدقق والمرآة  الفاحصة لمجتمعه،  وبهذا فهو يبحث عن مظاهر الجمال ويحدده ، ويترجم الرموز التي تتطلب إدراكًا ذهنيًا،  إذ يلجأ إلى الصيغ المشتركة بينه وبين المتلقي ( المشاهد )،  وتمكنهما من الفهم المباشر للعمل الفني المنجز، لانه يقوم بوضع نظم  وأسس لفنه  الذي له عوالم تنشأ  وتتكون منه،  محاولاً إيجاد وبقاء ذلك الفن في الكون أو الحياة اليومية للمجتمع، لان الفن بلا ضير مرتبط بالأنشطة الإنسانية  على إختلاف أنواعها   ( إن الفن يثير في المرء شعورًا سبق أن جربه، إذ يثيره في نفسه ثم يعمد إلى نقل هذا الشعور بوساطة الخطوط والألوان أو الحركات والأصوات، أو الأشكال المعبر عنها بالكلمات وغيرها، بحيث يصبح هذا الشعور جزءًا من تجربة الآخرين)، (36) تارة  وتارة أخرى يكون مختلف تماماً عن تجاربهم، ذلك إن الحدث البسيط يتحول إلى حدث آخر مشوه بمجرد رؤيته، فالجمهور يفكر عن طريق الصور، والصورة(37) المتشكلة في ذهنه، تثير سلسلة من الصور الأخرى بدون أي علاقة منطقية مع الأولى،  يبرز هنا دور العقل ليوضح بعدمية التماسك لمثل هذه الصور، إلا إن الجمهور لا يرى ذلك على ما بدا.  فالواقع إنه يخلط بين التضخيم الذي يلحقه بالحدث وبين الحدث ذاته. وبما أنه غير قادر على التمييز بين الذاتي والموضوعي فإنه يُعَدُ الصورة الماثلة في خياله بمثابة الواقعية والحقيقية، هذا على الرغم من أنها ذات علاقة بعيدة جداً مع الواقعة المرئية (38) .
      إن نشوء الصورة الفنية يتم من استحضار للمدركات الحسية عند غيابها عن الحواس ويعرف حينها بالتصوّر أي قبل أن تصبح الصورة أدبية و فنية، على الفنان أن يمر بمرحلة الإدراك الحسي الذي يقصد به "الأثر النفسي الذي ينشأ مباشرة من انفعال حاسة أو عضو حاس و هو يعني الفهم أو التعقل بوساطة الحواس و ذلك كإدراك ألوان الأشياء و أشكالها و أحجامها و ابعادها(39) الذي ينشأ عندما يمر الفكر بالصور الطبيعية (عند الفنان بالاخص الاعم ) التي سبق أن شاهدها وانفصل عنها ثم اختزلها في مخيلته ، مروره بها يتصفحها بوساطة البصر(40).
     ينشأ التصور عن طريق المدركات الحسية وهي بدون شك من العمليات العقلية للأفعال الكامنة كما فسرها ضمد إذ يرى انها: (( العملية العقلية او ذلك النشاط العقلي الذي عن طريقه نستطيع ان نتعرف على موضوعات العالم الخارجي وهو استجابة عقلية لمثرات حسية معينة، كما هو العملية العقلية التي تسبق السلوك(41) فبدون الادراك لا يحدث السلوك لان الفرد يتعرف تبعا لمتطلبات الموقف الذي يدركه )) (42) من ذلك يقوم التصوير في إظهار المضمرات العقلية الكامنة عند الفنان خاصة في صور فنية لها أبعادها الجمالية فالتصوير إذن هو التعبير بالصور عن التجارب الشعورية(43) التي مر بها الفنان ، بحيث ترتسم أمام القارئ ( أو المشاهد ) الصورة التي أراد الفنان نقلها له وتكون أداة التصوير هي الألفاظ والعبارات( والخطوط والرموز والالوان والخامات والملمس) (44). مما لا يقبل الجدل فان للصور عناصر تؤسسها وتظهرها الى الوجود منها الخيال(45) الكامن في ذاكرة الفنان المختص بتفسير الظواهر الجمالية التي تتراكم في ذهنه والتي تختلف تماماً عن الخيال الفطري الموجود أصلاً في سرائر النفس البشرية عامة، وأبرز وظائف خيال الفنان المبدع يُنشِأ الصور الجميلة مستعملاً بذلك الاستعارة والتشبيه، وبهذا المعنى يكون الخيال جوهر الفنون والآداب بلا مراء(46) والسبب راجع الى امتلاك الفنان الملكة العقلية المتميزة  والنفسية الحالمة التي تجعله ان يتخطى الرؤيا البصرية المباشرة الى رؤيا شعرية بأحاسيس خاصة يؤهل ولادتها التخيل. والتخيل هو عملية ذهنية يتم من خلالها معالجة الصورة المحسوسة تقود الأفراد وفي الاخص الاعم الفنانين في رحلات  متخيلة
عبر عقولهم ويستجيبون لهذه الأخيلة بوساطة صور عقلية  فبعضهم يقترح أخيلة معينة تساهم بشك أو بآخر في رفد مشروعه البحثي النظري أو العملي كما عند الأديب أو الفنان، ومن تلك الاخيلة الولوج في أعماق التاريخ للوصول الى حياة الانسان القديم وتفسير البيئة الطبيعية التي احتضنته، ويقوم العقل المتخيل بخلق الظروف التي تتفق مع هذا المغزى.  وتشير التخيّلات المستعملة كما تبدو في التعليم بانها تساعد على تسريع الإتقان المعرفي و توسيعه، وذلك باستعمال التلاميذ نشاطات التخيّل في زيادة معرفتهم بالمواد المعرفية والمواضيع الأساس والمهارات التقنية واليدوية والمفاهيم، إذ أنها تعمل على تعميق النمو الانفعالي والوعي بالحياة الداخلية حيث تنمو اتجاهات المتعلمين وميولهم الفطرية التي يرغبوا في ممارستها. كذلك فاستعمال التخيّل في حياة الانسان له فوائد كثيرة  أهمها أن الاسترخاء في التعلم يساعد على تدفق الطاقة إلى الدماغ وينشط الجهاز العصبي وبدوره يسهل من عملية التفكير، ويزيد من معرفة الفرد بالأشياء من حوله، وأستعمال تمارين التخيّل يوسع قدرة الدماغ عن طريق تطوير وتحسين الأشكال الطبيعية للغته. (47).
   على ان تكمن قدرة وقوة الخيال فيما يحقق من أثر نفسي شديد في المشاهد سواء أكان سلبياً أم إيجابياً كونه مطابقا للحقيقة أو يخالفها، على سبيل المثال لا الحصر أن رسوم الكهوف لا تعد فيها مادة بالرغم من وجودها، بل ما يقع في المادة من التخيل،(48) وهذه الرسوم لم تكن للمتعه الجمالية فحسب، بل كانت ذات مغزى رمزي سحري لتمكن الإنسان القديم من السيطرة على الحيوانات المتوحشة مصدر قوته الاقتصادي والتغلب عليها، فعندما يرسم سهم موجه إلى أحد الحيوانات كأنما يوجهه لها في الحقيقة ، فهذه الأشكال هي تعبيراً محاكياً لأشكالها في الواقع، أي تحولت إلى لغة رمزيه(49). وتُعَدُ هذه الرسوم نوع من التدوين السحري على أقرب ما يكون(50). بعدها تحولت تلك الصور المرسومة ذات الطابع الرمزي التجريدي الى نوع من التعبير عن الكلام بالصورة المجردة(51). وبعدها اضاف الفنان الاول الخطوط المتقاطعة والعناصر الحيوانية المحورة كأنها في حالة حركة(52) فوق سطوح بعض الأعمال الفنية التي نفذها سواء اكانت وظيفية ام دينية كما في الفخار. (53) وبعضها احتوت على اسماك وطيور وعقارب وأيل وفي بعض الأحيان أشكال آدمية مبسطه(54) ". تلك الاعمال الفنية  التشكيلية بأشكالها المختلفة  تبدو خلاصة لخبرة ومهارة عالية الدقة، أو شاهدة على اسرار مجتمع بكل انماطه الثقافية والأخلاقية(55).
                                                الخاتمة
    بعد استيفاء معالـم خطة هـذه الدراسة يبدو أنَّ المساحة التـي شغلتها الفنون التشكيلية  في حياة الانسان فتحت آفاقـاً كبرى للتساؤلات حول مفهوم الفنون التشكيلية، وكيفية توضيفها في تجسيد حياة الانسان القديم الذي تعالق مع بيئته الاجتماعية والطبيعية، وقد حاولت هذه الدراسة الإجابة عنها، ومن خلالها تم استنباط النتائج التالية :
·        ظهر بان الفنون التشكيلية هي واحدة من ضروب المعرفة الإنسانية المحسوسة، وبصور متعددة . فهي علم يتضمن الاكتشاف، والتاليف للاحداث، والتعبير، والتوثيق، وحفظ تاريخ الانسان من الضياع والاندثار بفعل الزمان او الانسان نفسه. وانها فعل اجتماعي يعبر بها الفنان عن واقعه، ويعالج همومه ومنجزاته وتعد سجلا مرئيا له يمكن الرجوع اليه في أي زمان ومكان.
·        للفنون التشكيلية روافد وفروع عدة اهمها الرسم والنحت وقد ركز الباحث عليهما ( الرسم والنحت) لخصوصيتهما في هذه الدراسة على ان المفاضلة الاكثر كانت للرسم.
·        تناولت الفنون التشكيلية نشاطات الانسان عبر مراحل حياته اليومية ما كان منها الخاصة(  الفردية )ـ والعامة( الجماعية). وعلاقته بالبيئة المحيطة به.
·        ظهر بان الانسان القديم قد عاش في الكهوف اول الامر كمسكنا له مارس فيها نشاطاته الفنية ثم انتقل الى الوديان بحثا عن الكلأ، واكتشف النار وبدأ في صناعة الفخار المختلف الانواع.
·        ظهر ان علاقة الانسان ببيئته التي يعيش في اكنافها علاقة متناوبة بين الحنان المفيد باستغلال وسائل عيشه منها، والقسوة من خلال الصراعات المتنوعة بين وحوشها وبين الانسان نفسه تارة وبينه وبين تقلباتها القاسية كالبراكين والعواصف والفيضانات تارة اخرى.
·        ظهر بامكانية تجسيد بعض من اوجه حياة الانسان القديم عن طريق الفنون التشكيلية من خلال فرعيها الرسم والنحت. من تلك الوجوه كصراع الانسان مع الطبيعة ومع الوحوش ومع اخيه الانسان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://a-m-h-a.yoo7.com
 
دراسة إمكانية القيام بعمل فني تشكيلي يجسد صراع الانسان القديم مع الطبيعة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» دلالات اللون في أقسام قاعة المعروضات لمتحف التاريخ الطبيعي
» دراسة أهمية العوامل المساعدة لعناصر الفراغ في قاعة المعروضات وتأثيرها على المشاهد
» إمكانية القيام بعمل فني تشكيلي يجسد صراع الانسان القديم مع الطبيعة
» دراسة الدلالات التاريخية لشجرة النخيل والتعبيرعنها كفن تشكيلي في قاعة معروضات المتحف
» الانارة وأهميتها الفنية في قاعة معروضات المتحف

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى كنوز الحاسبات العراقية من الطارمية بادارة أحمد محمود :: الفئة الأولى :: منتدى البحوث العلمية والتاريخية-
انتقل الى: